الإسلام اليوم / خاص
إِذَا كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية برنامج "أمريكان أيدول",
ويتابع البريطانيون بتلهُّف برنامج "إكس فاكتور",
فإن ماليزيا, أحد أكثر الدول الإسلامية تقدمًا,
لديها برنامجها المشابِه لتلك البرامج،
إلا أنه مختلفٌ من حيث الهدف والوسائل,
بصورة جعلت الجمهور الماليزي يحرص على مشاهدته،
ومتابعته كمثيله من برامج المسابقات العالمية..
إنه برنامج "الإمام الشاب", أو أكثر الشباب المؤهَّلِين
ليصبحوا أئمة في المستقبل القريب.
في البدء, قام أصحاب فكرة البرنامج بانتقاء ألف شاب,
تتراوحُ أعمارُهم بين 18 -27 عامًا,
ليخضعوا لاختبارات تؤهلُهم للمشاركة في هذا البرنامج,
منها تلاوةُ بعض آيات القرآن،
والإجابة عن غيرها من الأسئلة التي تتعلَّق بالإسلام والشئون العامة،
واستمرَّت هذه الاختباراتُ حتى وقع الاختيارُ على عشرة شباب فحسب،
هم الذين استطاعوا اجتياز كل الاختبارات،
من بينهم موظف بنك، ومزارع، وعالم دين،
وبعض الطلاب الجامعيين.
وعلى غِرار المسابقات العالمية, يوفِّر القائمون على البرنامج
للمتنافسين مبنًى سكنيًّا تابعًا لأحد المساجد للإقامة فيه،
وقاموا بمنعِهم من استعمال الهاتف أو الاتصال بالخارج (معسكر مغلَق),
ويمضي الشبان معظم أوقاتِهم في الصلاة ودراسة التعاليم الإسلامية
وتلقي الدروس الدينية، وعند تأديتهم بعض المهام المطلوبة منهم
تقوم كاميرات البرنامج بتصويرهم.
وأثناء بثّ البرنامج يخرج المتسابقون مرتدين ستراتٍ أنيقةً،
واضعين على رءوسهم القبعات الإسلامية,
أو يرتدون الملابس التقليدية الواسعة,
ويحرصُ البرنامج على تقديم صورة غير عادية للإسلام
وواجبات الإمام ودوره الواسع في الحياة,
والذي يبدأُ من إمامة الناس في الصلاة إلى مساعدتهم
في حلّ مشكلاتِهم الاجتماعية، وتتضمنُ المسابقة قيام الشباب المتسابقين
بأعمالٍ مختلفة مثل تغسيل الموتى وفقًا للطقوس الإسلامية،
وتقديم النصْح والمشورة للنساء، وغيرها من الواجبات
التي تفيدُ المجتمع وتكرِّس المفهوم الصحيح للإسلام وشموليتِه.
ومن جانبه، قال إزيلان باسار، مُعِد البرنامج ومدير تليفزيون الواقع،
والذي حرص أن يتعاون عند إعدادِه البرنامج مع السلطات الدينية
للحدّ من وجود أي حساسيات: "نريد أن نُثبِتَ أن الشباب الماليزي المسلم
يستطيع أن يتواكبَ مع هذا العصر, وقد وُفِّقْنا لاختيار الشباب
الأكثر ذكاءً وتدينًا بين أتْرَابِهم لهذا البرنامج".
جديرٌ بالذكر أن رئيس لجنة التحكيم، والذي يفصِل في المسابقة
ويحدّد من يواصل ومن لا يمكنُه ذلك، ليس أحد نجوم البرامج الحوارية,
بل هو الشيخ حسن محمود الحافظ، الإمام السابق بمسجد ماليزيا الوطني,
والذي يقول:
"هذا البرنامج لا يشبِهُ البرامج الأخرى التي لا تقدم أية قِيم دينية,
ليس لدينا جمهورٌ يصرُخ أو يقفِز,
بل نقدِّم غذاءً للروح, نحن لا نبحث عن مغنٍّ أو عارض أزياء".
وبشغفٍ يتابع الجمهور الماليزي يوم الجمعة من كل أسبوع
هذا البرنامج حيث يستقون منه كثيرًا من تعاليم دينهم,
وفقًا لما قالتْه إحدى المشاهدات "فوزينا إسماعيل" - ممرضة عمرها 25 عامًا
تشاهد البرنامج كل أسبوع مع زوجها:
"نحاول ألا نضيِّع أيًّا من حلقات هذا البرنامج؛ لأننا تعلَّمْنا منه الكثيرَ عن أمور دينِنا".
يُشار إلى أن البرنامج ليس الأول من نوعِه،
إلا أنه حَازَ على شهرة واسعة هذا العام، كما وصل عدد المعجبين
بـ "الإمام الشاب" عبر الفيس بوك إلى أكثر من 31 ألف شخص،
وتراوَحَت التعليقاتُ بين تحليل المتسابقين والإشادة بالشباب
باعتبارهم نماذج يُقتدَى بها.
وفي إحدى الحلقات قام المتسابقون بتغسيل اثنين من الموتى
بَقِيَا في مشرحة أحد المستشفيات لعدة أسابيع ولم يتعرفْ عليهما أحدٌ,
وقاما أيضًا بدفنهما، وفي أثناء وجودهما في المقبرة قاما بالحديث عن الموت,
حيث قال أحدهم بنبرة حزينة:
"عندما يحين الوقت، فإن أحدًا لا يستطيع أن يؤخِّر موعد وفاتِه حتى ولو لثانية
واحدة، العجائز يموتون، وكذلك الأطفال، فهل نحن مستعدون للموت؟"
وفي حلقة أخرى، ذرف المتسابقون الدموع وأجهشوا بالبكاء
لدى تقديمِهِم النصائح والموعظة لعددٍ من النساء المقيمات
بإحدى دور رعاية المرأة والأطفال اللقطاء.
وتسود روح الحب والأخُوَّة بين المتسابقين,
حيث يعانق الشبان بعضهم بعضًا ويبكون
ويتحدثون بحُرْقَة عن مشاعر الأخوة التي تَحَلَّوْا بها في هذا السباق,
فور إعلان استبعاد أحدِهِم من قِبل رئيس لجنة التحكيم،
والذي يقوم بدوره بمعانقة المتسابق والدعاء له بالبركة.
أما منتجو البرنامج, والذين أكَّدوا أنه الأكثر مشاهدةً في محطتهم,
فقالوا: إنهم يهدفون إلى إيجاد قائد وإمام يتماشى مع الوقت الحالي،
يكون مسلمًا تقيًّا وتقدميًّا يستطيعُ أن يثبتَ للشباب الماليزي
أن الالتزام بتعاليم الدين ما زال مناسبًا على الرغم من تأثير ثقافة البوب الغربيَّة،
وقد عكست الجوائز، التي تتضمن رحلة حج مجانية وسيارة، هذا المزيج.
وبدلًا من الحصول على ملايين الدولارات للإمام الفائز فإنه سيحْظَى
بجائزة أفضل وأشرف، هي رحلة حج مجانية مدفوعة النفقات إلى مكة المكرمة,
وسيارة وكمبيوتر محمول بالإضافة إلى حصولهم على وظيفة إمام
لأحد المساجد الكبرى في العاصمة كولالمبور,
فضلًا عن تلَقِّيهِم منحةً دراسية إلى المملكة العربية السعودية،
بالإضافة إلى 6400 دولار أمريكي